الثلاثاء، ٧ أيلول ٢٠١٠

الضحية

من وجهة نظر فنية "ليست وجهة نظري" يعشق بعض الناس الحزن و كما وصفه مظفر النواب في احدى قصائده "الحزن جميل جدا و الليل عديم الطعم بدون هموم " .. بعض الاشخاص ليس فقط ليلهم بل نهارهم ..مسائهم .. صباحهم .. كل الأوقات ..وكل المناسبات عديمة الطعم بدون هموم و "دراما " و كما تصفهم ستي أم العبد "المتحزونون " من فعل "حزوَنة " . هؤلاء يتخذون دائما دور الضحية نكهة تصبغ حياتهم ..هم يعشقون هذا الدور ربما لأنه قد يحقق الايرادات المطلوبة من حيث المستمعين ..أو ردات الفعل المتعاطفة .بدوري أنا أكره هذا الدور فمنذ الصغر كان اللوم دائما يقع علي في كل"داهية "تحدث في المدرسة و كأنني "المشاغبة " الوحيدة في الصف و يعود ذلك لعدم اتقاني الدور الدرامي "الضحية " و اتقان زميلاتي الدور جيدا مع تواطؤهم معي ب"الوكسة " و من هنا بدأ عدم استلطافي لهذه الشخصية ..ناهيك عن نظرات العتاب و الألم التي تنطلق الي فورا عند اطلاقي مزحة أو محاولة للتخفيف بعد "فضفضة " احدى "الضحايا" ...هذه كانت البداية فقط .. أما الجامعة و غيرها من الأماكن الاجتماعية ..لا أدري ما الذي يجذب الضحايا لي ..بالعلم انني "مش الأم تيريزا " .. لكنني و بفخر ومع تطور البشرية و حاجتي الى التعارف و الاندماج و "هضم "جميع أنواع الناس بدأت بامتلاك الموهبة "ما أبلا " بالقدرة على تمييز هذه الشخصية ...و الفضل كل الفضل يعود الى بعض الأشخاص ..فما أن تتعرف على صاحب هذه الشخصية يبدأ ب "نخر " رأسك بالشكوى .. و بتكرار جمل أصبحت مستهلكة لكثر استخدامها : كل الناس "مش مناح, "فش اشي اسمو صحبة " .. وشتم الحياة دائما و وصفها "الغابة " .. فيبدأ صاحب هذه الشخصية بالتعريف عن نفسه بأنه الطيب .."المنيح " "المضحوك عليه " بالأحرى "الهبيلة " ..طبعا تم قرصه ألاف المرات من نفس الجحر لسنين طويلة ...فهو المغلوب على أمره ..الملاك بين الشياطين ..البريء بين الخونة ..المتفاني ..المخلص. "على بلاطة " هو الضحية دائما و الباقي هم الوحوش ..هو الوحيد الذي لا يخطيء.. و دائما ..دائما في حالة ذهول و صدمة... .طبعا "بقززنا " بصفحته الشخصية على "الفيس بوك " بألمه ..ليل نهار .. بعبارت و جمل توحي للقاريء أن بيته قد انحرق للتو أو أنه يٌطعن في اليوم الاف المرات ! لدرجة أن البعض من هذه الفئة " خلص ..خلص ..مش قادر "يعيش " أو يتنفس ..قد يوهيء لكم أعزائي أنني أستخف بأحزان و الام الناس ..و قدأتعرض للشتيمة بسبب عدم مراعاتي أن معايير الحزن و الألم تختلف .. أنا معكم ..أدرك كل هذا .. و لا تخلو حياة أي أحد بالمصائب أو الحزن و حاجتنا "للفضفضة " و أنا أول من يُعبر .. و يكتئب . و ينتكس نفسيا . لكن " الضحية " فريد دائما بنوعه سبَاق الى المأسي . و دائما و أبدا حاله "ما تسرش" و يتمادى "بشحدة " الشفقة و الاهتمام ! لدرجة أن"فلان " و "فلانة " من ممارسي هذه الشخصية ان لم يجدوا مدعاة الى الحزن .."بهرينا " كذب ..أفلام .. .. صعبة التصديق ..روايات غريبة نكتشف لاحقا أنها من وحي الخيال ..و قد تكون أحيانا صادقة مع مبالغة عنيفة باعتبار أنه ملاك "يا عيني " و تبدأ عيونك "بهرهرة " الدموع حزنا عليه و على "بخته " و نطلق حكما فوريا أنه فعلا "ضحية " و من حوله هو السيء ..المحتال ..الخائن .."الحسود" بدون الاستماع للطرف الأخر ..فما أسرعنا باطلاق الأحكام .و المضحك أن هناك ضحايا حقيقون تعرضو ا لكوارث حقيقة أشد حبا للحياة و الناس من ممارسي "النكد" و عاشقي "الحزونة " . ."تمرمطو " أكثر لكنهم لا ينهارون اثر أقل المشاكل .. .هؤلاء ما نسميهم "ملكات الدراما " و "ملوك الدراما " استحقو هذه اللقب بكل جدارة و اتقان ! ..فعذرا أيها الضحية..القانون لا يحمي المغفلين .و "مشان الله " ارحمنا !..


هناك تعليقان (٢):

  1. جميل و واقعيّ لدرجة الإيلام و الاختناق

    أعجبني قولك: "لأنه قد يحقق الايرادات المطلوبة من حيث المستمعين"

    ردحذف
  2. جمييل !! عجبتني " القانون لا يحمي المغفلين" و الحلو بالموضوع انه احنا بنسير ضحية لكل هدول "الضحايا" ازا ما رحمونا شوية! :p

    ردحذف