السبت، ٢١ كانون الثاني ٢٠١٢

رسالة "كافر"

بعيدون هم عن كل أجوائنا.. انسَحبوا بهدوء ليستمروا بالبحث عن لقمة العيش فقط.. طلبوا منكم برفق أن تخرجوهم من نزاعاتكم .. صوتهم؟ لا صوت لهم..
فبين لقمة العيش و حائط السترة لا صوت هناك، هم غير مكترثين بمعارضتك أو ولائك يا عزيزي، ليسوا مكترثين بأجنداتكم الوطنية، بلجناتكم الحوارية، بمبادراتكم البرجوازية ولا حتى بمفرداتكم الصعبة تلك التي تجعلكم تبدون بمنظر المثقفين، لا يريدون شيئا سوى العيش، يريديون أن يعيشوا فقط ويدركون تماما بأن الرب في انتظارهم .. هم مؤمنون .. يعقلون ويتوكلون..
لم يجرؤوا يوما على التطاول لا على رمز الدولة و لا غيرها من رموز، و لكثرة الرموز يبتعدون نهائيا عن التفكير.
يأخذ راتبه ليوزعه على أولاده ويشعر بالشبه الكبير يوميا بينه و بين أي حيوان في الشارع ..
حلم مرة بانه ذهب لمقابلة عنترة فطردوه .. هو ببساطة ساذجة اعتقد ان عنترة ليس له علم بما يمر به يوميا.. لم يكن يدري أن حياته شريط معروض للملأ .. يقف عنده المتفرجين يوميا لالتقاط الصور أو للبكاء من العجز.. أصابه الخرس .. قرر رضا أن يكتب.. أن يثور أو يصرخ. فلم نسمعه نحن .. نحن مشغولون بأشياء كثيرة منها هو و هذا لا يعنيه بالتأكيد، يعلم أنه يعاني من حروق شديدة .. حرقه الظلم و قتله الجوع. اليوم نمشي بجنازته كلنا .
ردد بعضنا "كافر" و الاخر لم يجرؤعلى التفكير حتى لما حدث لرضا و برر عدم اكتراثه لتشابه قصته به و حرق رضا لنفسه طاب له و قرر هو الاخر أن يحرق نفسه لكي يحكموا عليه بالكفر و التقليد معا.
كفروا بكم.. كفروا بسياساتكم كفروا بأمنكم و أمانكم.. كفروا بمصطلحاتكم... كفروا بثقافتكم.. كفروا باصلاحكم و كفروا بالوطن.
كان لهم أمنية واحدة هي الخبز ..الحرية.. العدالة الاجتماعية..
كان طموحهم هو أن يرتقوا بكم كبشر.. و ينسوا دولابهم الصغير ليوم أو بضع ساعات فقط!
حرقوا أنفسهم قهرا لأن كوكبهم اللعين لم يكترث بهم ..تماما كما لم يكترثوا هم بأحزابكم و ائتلافاتكم الجديدة كل يوم.... هم لم يشعروا أنكم تهتفون لهم .. ان كنتم تهتفون لهم..
خذوا صوركم .. رموزكم..أسيادكم..قصوركم..و انصرفوا.لا تبكوه حتى !.
الجوع يا سادتي لا يعترف بكم..الظلم يا أعزائي لا يعرف المطالب الخجولة.. القهر يا اخوتي لا يعرف الخوف و لا الحياد..
انصرفوا هناك عند قصره العالي اشجبوا و العنوا.. احرقوا و اشتموا سرا كعادتكم و علانية بدبلوماسية و أناقة لن يفهموها  هم أو احتفلوا و قدموا الشموع و اعلوه صنما لكم.. مارسوا ضجركم اليومي كالمعتاد بعد يوم أو يومين..

لا تحزن له .. إغضب له أو اتركه يرقد بسلام واضعا حمله بين يدي رضا أخر.. ليقوم رضا أخر بحرق نفسه و أنت تتشاور، تتحاور وتحزن. سيقوم كل رضا بالبصق عليكم و سيضحك الوطن.. فهناك قالها صديقي يوما : الجنة تحت أقدام الفقراء، رغما عنكم.

رضا